حرب الاوهام …؟!
مصطفي محمد
اخذت الحيرة نتسع مداها فى أعماق حازم .. هو من الذين غرر بهم وخدعوا بحرب مليشيا الدعم السريع.. خدعوه بالشعارات الزائفة والبراقة…!!! هل هو حقاً ابن الحاجة زينب.. والشيخ يوسف… فى صباه لم يكن يفارق نار التقابة وحلقات الذكر..!!ماذا جرى له واين ذهب عقله…وضميره.. ماذا ذنب الابرياء الذين يقتلون..!؟اصدر القائد امراً لهم بضرب الحى الذى شهد أجمل ذكرياته، ونشاته الاولى واصدقاء الطفولة…لعب فى حواريها…تحفظه الطرقات…عاش بها أيام سعيدة واخرى حزينة ..!!لم يشهد من اهلها الطيبين إلا الخير..وآلان يامرونه بقتلهم …هم ليس فلول ولا كيزان..لماذا يقتلون..ماذا فعل الدرويش سالم.. والحاجة بخيتة… هم مجرد بسطاء ليس مجرمين..لم يؤذوا احداً…!! تباً لهم لقد تم خداعى لقد عرفت أخيراً هدف الحرب…الهدف هو إنسان السودان وارض السودان…؟! واخذ المارد يكبر فى أعماقه بعد حديثه الاخير مع نفسه.. وضميره الذى استيقظ قبل فوات الاوان… فوجد نفسه يتسلل من نقطة الارتكاز التى داب على الخدمة بها دون ان يخبر رفاقه ..!! ووجد نفسه يركض فى الطرقات فليس امامه وقت كثير فساعة الصفر بعد نصف ساعة سيتم ضرب الحى وسكانه الابرياء.. كان يركض وكانه عداء مارثون..يتصبب منه العرق.. وانفاسه تعلو وتهبط.لكن رغم ذلك لم تلين عزيمته… ورويدا رويدا لاحت ملامح الحى ووجد نفسه وسط السكان الذين يعرفونه حق المعرفة..كانت الأعين تنظر له فى غضب وهو يقف امامهم مرتدياً زى الخزى والعار زى المليشيا.. لكنه رفع يده عاليا فى الهواء وهو يصرخ فى ذعر قائلاً…(اعرف إنى مذنب..وقد ضللت الطريق… لكن اعطونى فرصة لاكفر عن ذنبى..).. بعد عبارات حازم الاخيرة تقاطر سكان الحى والتفوا حوله شكل دائرة واخذوا ينصتون لحديثه… والذى استرسل قائلاً…لقد اتيت لاخبركم ان القائد امر بضرب الحى وهده على رؤوس ساكنيه.. وساعة الصفر بعد ربع ساعة لذلك عليكم بإخلاء الحى وبسرعة..؟!! بعد العبارة الاخيرة لحازم أخذ سكان الحى بشكرونه على حسن صنيعه ويربتون على كتفه.. واعطته حاحة سنية كيس ملىء بالفول السودانى وهى تقول له خذ يابنى الفول الذى طالما كنت تحبه من خالتك سنية.. عافية منك…!!وماهى إلا لحظات واخذ سكان الحى باخلائه بصورة جماعية…. وفى وقت وزمن وجيز صار الحى مهجوراً وحف جنباته الصمت العميق..!!وعندما حانت لحظة ساعة الصفر حضرت المليشيا بعرباتها المدججة بالرشاشات ومدافع الهاون وجدوا الحى خالياً من مظاهر الحياة… لا شىء إلا صمت اشبه بصمت القبور..!!ووجدوا حازم فى منتصف الحى..بجوار خلوة الفقيه يوسف وبجوار نار التقابة كان ياكل الفول المدمس الذى اعطته له حاجة سنية فى تلذذ وفى عدم مبالاة لرفاقه الذين حضروا لتنفيذ المهمة..!!عرفو انه هو الذى اخبر اهل الحى.. وفى لحظة انطلقت النيران نحوه بكثافة اخترقت جسده النحيل.. نزف بغزارة.. حاول النهوض لكنه سقط أمام باب الخلوة، وتناثرت بقايا الفول المدمس ودماءه على الارض التى شهدت مولده ونهايته ..كان يبتسم وهو فى الرمق الاخير بعد ان عاد له صوابه ونجا من حرب الاوهام…؟!