أفرابيا
لم يعد خافياً اسباب ومنطلقات هذه الحرب واهدافها للمراقبين والسياسيين وللمواطنين حتى كل شيء صار واضحاً بعد مرور اكثر من ستة اشهر من النزاع الدموي من اجل الاستيلاء على السلطة وتمكين مشروع المجلس المركزي ومليشيا الدعم السريع لا قدر الله لو نجحت هذه المؤامرة لكان شهدنا أسوأ دكتاتورية مدنية مليشياوية اذا جاز التعبير عرفها العالم الحديث
كذلك يبدو واضحاً بان هذه الحرب قد فشلت في اهدافها الرئيسية وهي الاستيلاء على السلطة فتحولت الى الاهداف الثانوية او الخطة البديلة وهي اغراق البلاد في الفوضى السياسية والامنية ونقل الحرب الى مناطق جديدة بالاخص في اقليم دارفور وكردفان لتأخذ طابعاً ومنحاً جديداً في يوميات الحرب على الدولة السودانية مما يشكل عبئياً كبيراً للمواطن والدولة والاقليم ككل٠
هنا يجب ان نتوقف قليلاً عن دور القوة الموقعة على سلام جوبا من الحركات المسلحة ودورها في وقف انتشار وتمدد هذه الحرب في الاقليم وقبل ان نعرف دورها يجب ان نطرح سؤال على انفسنا هل هي فعلاً قادرة على ايقاف الحرب في دارفور او لديه القدرة على المساهمة في ايقافها من التمدد في الاقليم؟
يبدو أن الحركات تواجه مأزق أخلاقي وسياسي وأمني بوضع نفسها في موقف الحياد هي غير قادرة على التحرك فعليآ في الاقليم بعد انتقال الحرب اليه وليس لديها المقدرة السياسية لمنع انتشارها وتدرك هذه الحركات المسلحة بان الدعم السريع ليس لديه اي سقوفات اخلاقية واجتماعية في هذه الحرب وما حدث للقائد خميس ابكر خير شاهد على وحشية الدعم السريع مع خصومة العسكريين والسياسيين اذن هذا الحياد لا يضمن من ان تنتقل الحرب الى دارفور كما راينا ولا يضمن سلامة المدن والقرى والمعسكرات ولا يضمن سلامة الانسان في الاقليم ككل بما فيهم قيادات الحركات نفسها
ما معنى هذا الحياد اذن وماذا يستفيد منه المواطن السوداني بصفه عامة ومواطن دارفور على وجه الخصوص بعد كل ما حدث في الخرطوم ودارفور ؟ لا خيار امام قيادات هذه الحركات حال تمدد الدعم السريع اكثر في دارفور غير مغادرة الاقليم او التماهي مع مشروع الدعم السريع وهذا ايضاً لا يضمن سلامتهم الشخصية!
باختصار الحركات المسلحة في موقف لا تحسد عليه وليس لديها الكثير من الخيارات السياسية والامنية بسبب حيادها الغير موفق من هذه الحرب هو خيار واحد في حقيقة الامر وعليها ان تتحمل كل تبعاته السياسية والامنية والاخلاقية بكل شجاعة يجب ان تتبرأ من خيار الحياد وتعلن موقف واضح اما الوقوف مع الدولة في حربها ضد المليشيا المتمردة وانهاء هذه الحالة ومنع انتشار الحرب في دارفور وتأمين المعسكرات والمدن والقرى مع القوات المسلحة او الاصطفاف مع المليشيا الارهابية ونشر الحرب في دارفور
آمال الكثير من السودانيين والسودانيات معلقة بمنبر جدة وما يمكن ان يحدثه من اختراق حقيقي يؤدي لانهاء الحرب واحلال السلام لكن لا اريد ان اكون متشائماً ومشككاً في قدرة الوساطة على التوصل لحلول تنهي هذه الحرب مع بداية هذه الجولة راينا تحركات الدعم السريع في دارفور واقتحامه للمدن والقرى تبدو هذه التحركات كرسائل اكثر من كونها تقوية للموقف التفاوضي في جدة المتابع للمشهد السوداني يدرك بان قرار ايقاف الحرب لم يعد في يد الدعم السريع ولا يد القوة السياسية التي هيأت خطاب الحرب ومنحتها الغطاء السياسي٠
مع كل هذه المعطيات لا يمكن ان نقول من المستحيل التوصل لحل ينهي هذه الحالة السياسية والامنية المعقدة دومآ ما يكون هناك افق يجب ان تتعامل معه الدولة لكن في هذه المرحلة وهذه الحالة يتطلب اجراء استثنائي في التعامل مع الدول التي تمد الحرب بالسلاح والمرتزقة او الذهاب للحلول الامنية والعسكرية والقوات المسلحة لديها القدرة على انهاء التمرد عسكرياً٠