الخرطوم – أفرابيا
بعد تقدم العمليات العسكرية الأخيرة، يبدو أن الحرب أوشكت على نهايتها عسكرياً، وأن العملية السياسية التي توقفت بفعلها تدخل مرحلة جديدة، والجميع ينتظر كيف تبدأ هذه العملية وكيف تنتهي؟ و المهم الذي ينتظره الجميع، البحث عن من سيقع عليه إختيار قيادة المرحلة الجديدة؟، والتي بلا شك ستكون مرحلة ثقيلة بمعنى الكلمة، ثقلها يكمن في خيارين مصيرين: مواصلة الحرب وتحقيق تطلعات الشعب الذي التزم بدحر التمرد وانتظم على صف المقاومة الشعبية المسلحة، تحت قيادة حكومة حرب، أو إنهاء الحرب مع تحقيق التوافق الوطني المعقول بين القوى السياسية،”أطراف الأزمة”، ولا يقف الأمر عند ذلك الحد بل يشمل فترة ما بعد إنهاء الحرب بناء الدولة التي دمرت الحرب بنيتها التحتية في كل القطاعات.
مهما كان ذلك المنتظر فإنه لن يستطيع فعل شيء مالم يكن مدركاً بالأسباب التي قادت البلاد إلى الدمار والإقتتال فضلاً عن إداركه العميق بكل ما يزخر به السودان من الخيرات، وان وحدته صارت تحدياً كبيراً وكادت أن تتشظى لولا تماسك الدولة الحالي ولايزال تفككها تحدي ماثلاً، لا سيما قدرة المنتظر في جعل القوى السياسية والمجتمعية متماسكة ودفعها نحو الاستنهاض واستشراف المستقبل في ظل هذه التعقيدات والتقاطعات والتحديات والمخاوف.
يضاف إلى ذلك أن معايير إختيار قائد المرحلة ظلت معايير جامدة توضع بالأرقام بدلاً عن اكتشافها من خلال التجربة العملية. إن المعايير عادة ما تكون خادعة، بل مزيفة.
أسوء ما انتجته التجربة السابقة هي الإنفراد في إتخاذ القرارات المصيرية للدولة بين أفراد خارج عن المؤسسة الحاكمة، واللوبيهات الضارة، اضرت بنظام الحوكمة الرشيدة واظهرت مواقف متنافرة ألقت بظلالها على ملف العلاقات الخارجية، وملف الاقتصاد، التعليم، والتشريعيات المناسبة مع قيم المجتمع السوداني، وصارت تلك الملفات وحول، ومناطق صدام مع المجتمع والقوى السياسية فيما بينها، لذا على المنتظر أن يحرص ويعي بتلك المناطق حتى يتفادى مسار العودة إلى ما نحن عليه.
هنالك ناجحون برزوا في الجربة القليلة الماضية، تركوا بصمات ما تزال تعطي أوكلها.
إن السودان في وجهته القادمة أن يدخل في الأسرة الدولية وله كل المقومات التي تجعله مؤهلاً أن يقود المنطقة الإقليمية وأن يكون مؤثراً في المحاور الدولية الحالية وبين حوجته الداخلية والخارجية تطلب تماسكه.
تحتاج الدولة السودانية إلى قيادة شبابية جديدة في جميع مؤسساتها، خاصة التنفيذية التي تطلب المتابعة اللصيقة لتنفيذ القرارات وصناعتها، يلاحظ أن التجارب الماضية أوكلت مهمة قيادة الدولة لشخصيات بطيئة الحركة وثقيل الفهم وادراك المواقف والتعامل معها.
إن تجربة الشركة السودانية للموارد المعدنية تؤخذ بعين الاعتبار لحسن قيادتها في المرحلة السابقة ونتائجها ماثلة للان بسبب البناء المؤسسي الذي بنيت عليه، وتأهيل الكوادر التي بها، ورفع قدرتها الإنتاجية بصورة مستمرة.
على قيادة الدولة أن تتعلم من العلاقات البينية بين المؤسسات ونقل التجارب إلى القطاعات الأخرى، مثل المياه وتوليد الكهرباء لتغطية جميع أنحاء البلاد، الثروة الحيوانية والسمكية، النقل والطرق والكباري، التعليم، والصحة والتطور العقاري والعمراني نقل هذه القطاعات إلى تجربة الشركة السودانية للموارد المعدنية سيحقق السودان تقدم سريع في كافة القطاعات.
إن العملية السياسية الجديدة يجب أن تفضي إلى تقديم هذه التجربة وتجاوز الخلافات وان يبقى الهم الوحيد هو تحقيق نهضة السودان وحداثته وذلك لا يتأتى الابتجاوز مرارات الماضي والتراضي حول كيفية حكم السودان وتحديد مساره الذي يجب أن يسير فيه وتحقيق تطلعات شعبنا في كافة المجالات.