الخرطوم – أفرابيا
الأزمة السياسية الراهنة سببها الأساسي وجود فئة تنتهج عقلية “رأس الحربة” او “القاطرة”حقيقةً وجدتُ هذا التوصيف وهو أبلغ توصيف وجدته يصف الحالة السياسية الراهنة، والذي استلفته من مقال الدكتور الشفيع خضر ” وماذا بعد ورشة القاهرة” والذي نُشر في صحيفة اليوم التالي بتاريخ اليوم ٨ فبراير ٢٠٢٣م. وهذا التوصيف هو أنسب توصيف لشخصيات بعينها تريد أن تفرض نفسها في العملية السياسية وعلى القوى السياسية الأخرى انها وصية عليها، وإنها صاحبة القرار، والفكر، وانها التي تحدد المعايير، والاتجاه الذي ينبغي أن تسير اليه العملية السياسية وتنتهي عنده. هذه العقليه صراحةً هي التي تعقد المشهد السياسي ولا تريد أن تأتي الأفكار توافقياً، وتريد أن تكون هي صاحبة الحل والعقد. وربما جاءت هذه العقلية من خلال الأحاديث السابقة والقديمة قبل ٢٥ اكتوبر أن ثورة ديسمبر تفتقد إلى شخصية محورية تُنظر لها وتكون وصية على الفاعليين السياسيين في الساحة السياسية الحالية وبالتالي تكون هذه الشخصية محور الأشياء الصغيره والكبيرة وتفاصيلها وتعطي التعليمات. وهو الأمر الذي قادنا إلى هذا الوضع الآن، ولكن ذات العقليه التي تظهر خلال ما يسمى بالاتفاق الاطاري لتأطير العملية السياسية وتكون وصية على الجميع ولا تقبل اي فكرة تاتي خارج هذا الاتفاق الذي فُصل وحُدد من قبل هذه الفئة. وبالتالي أن فكرة أن تكون هنالك شخصية رأس الحربة او القاطرة، هي فكرة مركزية بامتياز، لتكون هي في المقدمة ثم تأتي القوى الأخرى لاحقة لها وتتبع لها بقية القوى الثورية والمدنية، وهي فكرة مرفوضه تماماً، ولأنها ستقودنا مرة إلى أخرى إلى صناعة شخصيات مقدسة مركزية لا تؤمن بالديمقراطية الا الديمقراطية التي تعنيها هي، ولا تقتنع باي طرح آخر حتى وان جاء ذلك الطرح مثالياً ومقبولاً يستطيع حل الأزمة. لذلك نقول ان فكرة التحول المدني الديمقراطي المطروحة من قبل المجلس المركزي هي خدغة اكثر منها حقيقة واقعية. بدليل إننا نرى وجود هذه العقليه القاطرة والتي مبدئياً ترفض أن تستمع إلى الرأي الآخر المخالف لها، ولا تقبل بالمشاركة او مقارعة الأفكار بالحجة، والايمان التام بالرأي والرأي الآخر وهو اصل الفكر الديمقراطي. وفي غياب هذا كله لا نستطيع أن نضمن أن هذه العقلية تقود هدفنا نحو التحول المدنيالديمقراطي. الحل الوحيد ألآن بعد اعلان القاهرة لصيغة سياسية ودستورية جديدة هو إننا لا نؤمن بعقلية رأس الحربة وإنما نؤمن بأننا جميعنا ينبغي أن نشارك بفعالية في إنتاج الأفكار والمشروعات والآليات التي تقودنا إلى التحول المدني الديمقراطي ونؤسس مؤسساتنا بصورة توافقية وأن نصل إلى الحد الأدنى من الأفكار التي تسمح لنا أن نحدث انتقال سلس ومتعافي. وافتكر هذه فرصة تاريخية لترك تلك الأفكار التي لا تساعدنا على الإنتقال ونفوت الفرصة لعقلية الشخصية المحورية المتغطرسة.
الأربعاء، ٨فبراير ٢٠٢٣م الخرطوم