الخرطوم – أفرابيا
نستلهم في كتابة هذا المقال تجاربة إنسانية ماتزال ملهمة في تقديم الخدمة الإنسانية للانسان المدني أثناء وقوع الحرب أو الكوارث الطبيعية في العالم ،مثل منظمة الصليب الأحمر التي أنشأت بعد وقوع الحرب العالمية الأولى والثانية ،او الهلال الأحمر وبقية المنظمات وغرف الطواريء والخدمات الحالية سوى كانت في فلسطين او اوكرانيا او السودان.
في البدء لابد أن نقول أننا ممتنون ومقدرون لعدد من الأصدقاء والزملاء الذين نعلمهم جيداً في مجال العمل الإنساني المتفاني لمساعدة شعبنا في جميع أنحاء البلاد منذ جائحة covid-19 عبر المبادرات الشبابية التي بذلت مجهود جبار في مجابهة ذلك الوباء الآثم والذي ترك جرحاً عميق في جسد مجتمعنا الإنساني لا سيما في السودان حيث تضر المجتمع الإنساني اقتصادياً واجتماعياً و لاتزال آثار تلك الأضرار حاضرة.
لقد إتجه عدد من الشبان السودانيين في مجال الخدمة الإنسانية في ذلك الوقت لمساعد الأسر التي تضررت من الجائحة تحت مظلة بما يسمى “غرف الطواريء الصحية” . ورأينا كيف كان يتحرك هؤلاء الشبان في الشوارع الرئيسية طالبين الدعم المالي من المارة لتمويل مبادرتهم الإنسانية لتوفير الإحتياجات الضرورية.
ويقول البعض: أن مبادرة الغرفة تم إطلاقها من مدينة “بحري” ثم تعممت في كل السودان ،واينما يكون مكان إنطلاقة المبادرة وكيفما تمت ومن تكن تلك الجهة، فإنها مبادرة قيمة في ذاتها ومبدؤها.
لقد إستمرت بكل ظروفها وعلاتها لكي تصبح مشروعاً إنسانياً جذب إليه عدد كبير من أصحاب المتطوعين واصحاب الهمهم واخرجهم من فراغهم القاتل وحولهم الى المتطوعين الجدد الذين ينتمون إلى جميع مكونات البلاد، دفعتهم خدمة الإنسان السوداني. ومعظم هؤلاء الشبان فيهم من تخرج من الجامعة ومنهم من لم يتخرج بعد، تفانوا في خدمة الإنسانية.
وفي سياق التغيير الذي حدث في مجتمعنا السياسي والثقافي والإجتماعي والإقتصادي دخل المشروع ضمن المكونات الداعمة لإنتقال مجتمعنا إلى مجتمع جديد يحتاج الى قدرة الشباب لإنجاح الثورة، في مساعدة الجرحى والبحث عن المفقودين واطعام الثوار في اماكن مختلفة والمخصصة لسير المواكب وساهم أيضا في بلورة الوعي الثوري وضرورة أحداث التغيير في مجتمعنا السوداني الكبير.
لم تقف المبادرة بعد سقوط النظام في ٢٠١٩ بل إستمرت إلى بعد ان قامت الحرب في ١٥ ابريل ٢٠٢٤م، فالحرب تضرر منها الواطن العادي أكثر من أي شخص آخر فهو يحتاج إلى المساعدة دون مقابل لقد تعرضوا للاصابات جراء الأحداث في الخرطوم وفي المدن الأخرى. ولقد فر بعضهم الى اماكن آمنة فما على المبادرون إلا إستقبالهم، فقد رأينا ذلك إستقبالهم لوفود مدينة الخرطوم وود مدني إلى ولاية سنار، وسنجة وكسلا، وعطبرة والدمازين والفاشر ومدن أخرى كيفيا تم إستقبال الوافدين ووضعهم في مراكز إيواء آمنة رغم شح الإمكانيات.
بعد بروز مبادرة غرف الطواريء في مجابهة تحديات المساعدات الإنسانية للوافدين لفتت الغرفة أنظار المجتمع الإقليمي والمنظمات الدولية إلى أهمية الإستماع إليها ومتطلباتها الضرورية التي تجعلها اكثر فاعلية في مساعد الوافدين خاصة ان مسألة فتح الممرات الإنسانية لتوصيل المساعدات أصبحت بند يهتم به الجميع في المفاوضات بين الأطراف المتنازعة.
لقد تحولت الغرفة وفق تقارير شفوية ومنها مقالات وادانات بين الأعضاء في بعض المدن إلى مطامع سياسية وحزبية وجهوية واثنية الأمر الذي يهدد إستمراريتها في المستقبل واجهاضها وتفريغ محتواها الإنساني لتقدم اغراض تلك الأجندة والجهات، وكذلك اتهام الممثلين بالاستيلاء على أموال المساعدات الإنسانية دون تنفيذ المشاريع. وفي ٢٣ يناير الماضي أصدر وزير الحكم الإتحادي قرارا قضى بحل لجان الخدمات التي تم تشيكلها سابقا من قبل ذات الوزارة. بعد اتهام أعضاء اللجان بالضلوع في الحرب ضد الدولة.
تفشل المبادرات بالممارسات اللاأخلاقية في المجال الإنساني المدني لقد تم إبعاد أشخاص ذوي كفاءة نعلمهم ودورهم المتسامي والفعال في المجال الإنساني العام من هذه الغرف.
يحتاج السودان والفاعليين الشبان أن يعوا مسببات الازمة السودانية لتفادي المساوي ، ولابد من امتلاك منهج صارم يجرم اي سلوك يقود المبادرة الى الأزمة. إن إنتاج نخبة جديدة لا يتم إلا بالممارسة العملية، فالشفافيه تبنى بتمويل المشاريع وانتخاب عضويتها و بغض النظر عن تلك الأجندة السابقة أن المهم هو عرض المشاريع للدولة وللسودانيين المغتربين وليس للجهات الأجنبية التي لها اجندتها ووصاياها الخاصة بها، وعلى المبادرة محاسبة أي عضو ارتكب جريمة تخل بقواعد العمل الإنساني.
ورأينا ذلك في اللقاءات الحالية في الولايات المتحدة الأمريكية وهو امر مؤسف.