بقلم/ معتصم أحمد صالح
انتشر في الاسافير الأسبوع الماضي مقالاً تستر خلفه نفر من أصحاب الأجندات الخاصة و كارهي” المشتركة ” قصدوا به سحب الأضواء عن القوة المشتركة و إطفاء بريقها ليأفل نجمها الساطع، و تجريدها من شعبيتها العارمة و مكانتها في وجدان الشعب السوداني الذي احتلت فيه المشتركة موقعا غير قابل للاهتزاز بعد ان سطع نجمها في ميادين القتال، و لتحجيم دورها السياسي و الوطني و تقليص بعدها القومي.
و لتحقيق مآربهم الرخيصة إستخدموا وسيلتين: الأولى إظهار أن قادة القوة المشتركة لا يعدو أن يكونوا طلاب سلطة و لا علاقة لهم بالوطنية، و الوسيلة الثانية إظهار أن القوة المشتركة ما هي إلا مجموعة من المرتزقة تلهث وراء المال لا غير.
و للإيقاع بين مكونات القوة المشتركة من جهة و بينها و القوات المسلحة من جهة أخرى،، زعموا بهتانا أن المشتركة اجتمعت للسيطرة على السلطة بتقديم مطالب ابتزازية لرئيس مجلس السيادة الإنتقالي! من بينها رئيس الحكومة و نصف مقاعد مجلس الوزراء و عتاد حربي يفوق قدرة الدولة!، و حتى يضربوا التماسك العضوي الداخلي للمشتركة زعموا أن بعضا من قيادات المشتركة باركوا الخطة المزعومة الخاصة بالسيطرة على الحكم و رفضها البعض الآخر، كي يحدثوا شرخا في صفوف المشتركة بذبح الثقة بينهم و تركهم يلومون بعضهم البعض و ينشغلوا بأنفسهم بدلا عن دعم المشتركة معنويا و عسكريا و سياسيا، و لأنهم يضمرون لها الحقد و الكراهية لأسباب نفسية و شخصية زعموا أن المشتركة و قيادتها بمن فيهم ( رافضوا خطة السيطرة على الحكم ) تلهث وراء المال ( ٧٢ مليون $$) لرسم صورة ذهنية سيئة و مخيفة عن المشتركة لدى المواطن و عزلها عن الوجدان الوطني.
أراد النسّاجون صرف الأنظار عن التصريحات التي أدلى بها مساعد القائد العام و عضو مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول ركن ياسر العطا في منتصف اكتوبر الجاري، و الذي أكد فيها بأن القوة المشتركة تقاتل دفاعا عن الوطن و المواطن كسائر ابناء السودان، و أنها تقاتل تحت إمرة القيادة العامة للقوات المسلحة و تعمل وفقا لتوجيهاتها، ليس ذلك فحسب بل أن جنود القوة المشتركة تحمل نمر عسكرية ضمن نظام القوات المسلحة ( يعني لا يوجد سبب للخوف ) ، و نضيف لتصريحات العطا أن جميع مكونات القوة المشتركة وقعت على اتفاق الترتيبات الأمنية و الذي نص على دمج جميع قوات الحركات المسلحة و الجيوش الأخرى في القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية الأخرى، ليكون هنالك جيش وطني واحد فقط في البلاد، و قد تم تشكيل الآليات اللازمة لتحقيق ذلك وفقا لنصوص الاتفاق تمهيدا لتنفيذ الترتيبات الأمنية، و لولا إشعال المليشيا للحرب لاكتملت الترتيبات الأمنية الآن او كادت.
و بالرغم من أن اتفاق جوبا لسلام السودان لم ينص صراحة على أي دور عسكري للقوة المشتركة في الدفاع عن السودان إلا أنها شاركت بجانب القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية الأخرى في الدفاع عن البلاد، لأن الدفاع عن الوطن و هو يواجه خطر الزوال فرض عين على كل مواطن ( و جنود المشتركة مواطنون سودانيون من السكان الأصليين )، و من باب أن للأوطان في دم كل حر،، يد سلفت و دين مستحق.
المعلوم أن مكونات القوة المشتركة تشارك في الحكومة بموجب اتفاق جوبا لسلام السودان، و لا توجد أية قوى سياسية غيرها تشارك في الحكومة بطريقة مباشرة أو وفقا لأية تفاهمات او اتفاقات، و يعتبر المكون السياسي للمشتركة بناءا على هذا الواقع هو الحاضن السياسي الوحيد للحكومة من زاوية (المشاركة في السلطة)، و في ظل هذا الوضع فان مكونات المشتركة ليست بحاجة للمطالبة باية نسبة في السلطة قليلة أو كثيرة ( أليس كذلك؟ ).
إن الأدهى و الأمر هو أن هؤلاء المتسترون يصورون القوة المشتركة و كأنها تقاتل في ( بوركينا فاسو )! و لذلك يفترضون أنه لا يحق لها أن تحصل على الدعم اللوجستي من حكومة السودان ( لأنها تقاتل خارج البلاد ! )، و يتغافلون ( عمدا ) أن المشتركة إذا كانت تريد الاسترزاق لإنحازت لمليشيا الدعم السريع التي عرضت لها أضعاف مضاعفة من مبلغهم ( المنجور ) كي تبقى في الحياد فقط، فكم كانت ستحصل من مال إذا أرادت القتال بجانب المليشيا ( استرزاقا )، خاصة و أنها لو فعلت ذلك ( لأقامت المليشيا حفلة كونية ) لأن ذلك ستوفر للمليشيا المسافات و الأزمنة ( زائد ) التكلفة و لكفاها عناء استيراد ( شفشافة ) من مالي و النيجر وتشاد و ليبيا و من الذين لا يجيدون من فنون القتال غير هدر الكرامة الإنسانية و ( سواقة الناس بالخلا ) زورا و بهتانا.
لا زال البعض و رغم المحن و المآسي التي تمر بها البلاد بسبب الحرب و بغيرها، لازالوا يعتقدون أن السودان ملك ( حر ) لهم! و يحملون فيه اسهم ممتازة تمنحهم حقوق و امتيازات يوزعون بموجبها صكوك الوطنية و الإنتماء و الأمانة و الشرف، و يحددون الأدوار للشعب! مَنْ يجب أن يحكم ( بمزاجهم ) و مَنْ عليه أن يحترق ليضئ لهم الطريق! و ذلك وفق الحق الحصري المكتسب و يساعدهم في ذلك ( ناس من جاه الملوك نلوك )، و فات عليهم أن كيان الدولة برمته في مهب الريح بسبب هذه النظرة الأنانية الضيقة و تَوَهُمْ حقوق الإمتياز في البلاد.
عندما تخوض الدول حروب مصيرية ( مثل التي توجهها بلادنا ) و تواجه مهددات الزوال و التلاشي، يهب جميع أبناءها للذود عنها و الدفاع عن أعراضهم و قيمهم و أنماط حياتهم، يفدون أوطانهم بدمائهم و أموالهم و ينصرونها بألسنتهم و أسنتهم، و ينظمون الشعر و يكتبون جميل الكلم تشجيعا و تحفيزا لإخوتهم الذين يتقدمون صفوف القتال و يعزّمون بطولاتهم و نضالاتهم و يعلّون من شأنهم لنصرة الوطن و الذود عن حياضه، و في ساعات الحروب يتوحد الوجدان الوطني و يصطف الشعب بمختلف فئاته خلف أبطاله مؤازرة و مناصرة و يؤجلون صراعاتهم الفكرية و السياسية و الثقافية ( لا يؤججونها )، و ترتفع هرمونات الوطنية إلى العنان و تتوارى هرمونات الخصومة و التخوين و الخذلان.
معتصم أحمد صالح
٢٦ / ١٠ / ٢٠٢٤