بدأت نقاشات وتحضيرات عديدة لاعادة احياء منبر جدة التفاوضي سعيا وراء ايقاف الحرب في السودان، وذلك بعد ان تعقدت جهود الايقاد وشبه ان وصلت الي طريق مسدود. قبل ان ترتفع الامال ويسود التفكير الرغائبي وتضليل السودانيين مرة اخرى، يجب التنبيه الي نقاط ضرورية ومهم وضعها في الاعتبار من اجل تكون هذه الجهود ذات فائدة حقيقية لايقاف الحرب.١- عودة منبر جدة بنفس الهيكلة القديمة لن تكون مجدية. هناك ضرورة لأن يعيد الوسيطان النظر في منهجية وهيكلة المنبر التفاوضي. وايضا من الضروري ضمان جدية الطرفين في التفاوض على اهداف واضحة وعبر متفاوضين قادرين على انفاذ ما يتم التوصل اليه حتى لا ينصرف الامر ليصبح محض (جر هواء).
٢- الاتفاق على اليات حماية المدنيين والممرات الامنة لحركتهم وانسياب المساعدات الانسانية لها اولوية على اي شي اخر، وكما ان الحقوق الاساسية للسودانيين في الحياة والامان والتملك ليست بندا للتفاوض. لا يملك الطرفان المساومة على ممتلكات السودانيين المنهوبة ولا منازلهم ولا يحق لأي طرف او وسيط المشاركة في عملية ابتزاز السودانيين بالتخلي عن حقوقهم اوامانهم مقابل تحقيق مطامع ومطالب سياسية يتوسل لها احد الاطراف بالحرب.
٣- لا يجب ربط ايقاف التوصل لوقف اطلاق النار بأي مطالب او مطامع سياسية بشكل مسبق. اي عملية سياسية تناقش قضايا السودان ينبغي ان تتلو وقف اطلاق النار، وينبغي ان تتم بدون مشاركة الاطراف حاملة السلاح في الحرب الحالية، سواء كانت الجيش او الدعم السريع. وكما ينبغي ان تكون مجريات اي عملية سياسية واضحة في التأسيس المسبق على ما هو طبيعي في تكوين اي دولة حديثة بما يعني ضرورة الاصلاح الهيكلي للمؤسسة العسكرية بتفرعاتها المختلفة لتكون تحت الاشراف السياسي المدني، وضرورة انهاء اي وجود مؤسسي لمليشيا قوات الدعم السريع بكافة امتداداتها العسكرية والاقتصادية والسياسية. ان الاوضاع التي سادت قبل الحرب وتسببت بشكل مباشر في جريمة اندلاع هذه الحرب المدمرة لا يمكن السماح بتكرارها مرة اخرى بعد الحرب.
٤- أيضاً لا يمكن اعادة تجربة مجاملات التوقيع على وقف اطلاق نار مرة اخرى بدون اليات إنفاذ واضحة. اي توقيع على وقف اطلاق النار ينبغي ان يشمل الاتفاق على خطوط واضحة للفصل بين القوات واليات إنفاذ ومراقبة دولية محايدة تضمن انعكاس هذه الاتفاقات على ارض الواقع بعيدا عن شعارات المزايدة السياسية والتدليس الاعلامي.