المقدمة
تناول المقال أحد أدوات السياسة الخارجية للدول وهو عمل القنصلية مع تطور الحياة الانسانية الناتجة عن تبادل الاشياء ، وتحدث عن مراحل تطور العمل القنصلي وتسميته الى أن وصل الى مرحلة ظهور دولة حديثة ذات السيادة واصبحت تدخل في ما بين العمل الدبلوماسي والقنصلي ، ثم فصل المهام بينهم وتحديد عمل القنصلية وكيفية تعيين رؤساء البعثات القنصلية ، والفرق بين الخطاب القنصلي والدبلوماسي وطرق الاعتماد والتفويض ، وتحدث عن موضوع الامتيازات والحصانات ودرجات القناصل والعلاقات بين الدبلوماسية والقنصلية والفرق بينهما في المهام التى كلفت بها ، والفرق بين القنصلية والقنصلية الفخرية وعلاقة دولته والدولة الموفد اليها ، ونهاية خدمة القناصل .
يدخل ضمن الادوات السياسة الخارجية للدول في إطار العلاقات التى تتعلق بالجوانب الاقتصادية والتجارية والثقافية ، وهي علاقات قديمة كانت بين الوحدات المستقلة بعضها عن البعض ، بدأت عند تطور حياة الانسان وتتمثل في تربية الحيوانات واحتراف الرعي والزراعة والصيد ، وكانت بداية الانسان لوسائل كسب العيش أكثر تطوراً واحسن في حصولها من المجتمع الآخر على حاجاته ، وتتميز المجتمعات بالاكتفاء الذاتى لكى تكون حاجاته تعتمد على التبادل .
واصبح الانتاج في زيادة عن حاجة السكان واصبحت تحتاج لاشياء أخرى ، وظهرت المبادلات عندما أصبح الانتاج ذيادة عن حاجة السكان ، ويقوم من لهم فائض بتبادله مع أناس آخرين لديهم أشياء أخرى وهي ما يسمى التجارة ، وظهرت التجارة والحاجة لحماية هؤلاء التجار ، وقديماً كانت النظرة للاجئين سالبة وحمايتهم فيها مصلحة لهم ولغيرهم وظهرت من ذلك وظيفة القناصل وهي أول وظيفة في العمل القنصلي .
وتطور الأمر بعد ظهور الحضارات القديمة ، فالحضارة اليونانية هى سباقة للعمل الدبلوماسي والقنصلي ، فاليونان لديها بعثات تقوم بعمل دبلوماسي لحماية مصالحهم ثم جاء الرومان ولاول مرة ظهر لفظ القنصل في روما ، والقناصل كانوا هم الحكام وفي العصور الوسطى ظهرت شخصية تمثل قاضى وظيفته الفصل بين التجار في منازعاتهم (هي وظيفة القناصل) ، وفي عصر النهضة حدث تطور كبير في التجارة والسلع ادت الى أن تنتقل وظيفة القاضى الى ممثل التجار واستمراره في حل القضايا ولكن مع التطور أصبح راعى مصالح التجار ممثل لدولته ويقوم بمهام دبلوماسية وممثل الدولة من ناحية سياسية والفيصل في فض منازعات التجار .
ومع ظهور الدولة الحديثة ذات السيادة بعد اتفاقية عام 1648م اهتمت الدول بالدبلوماسية على حساب القنصل ، وتقلصت مهام القناصل واصبح تمثل الدولة الدبلوماسية ، واستمرت الدبلوماسية والقنصلية وتركزت وظيفة القنصل على الجانب الاقتصادى والتجارى واصبح عمل السياسة للدبلوماسية .
مهام القنصلية
مهمة القنصلية هي رعاية المصالح التجارية للدولة ومصالح الافراد التجارية ، وهناك تمييز بين عمل الدبلوماسية وعمل القنصلية ، وتعتبر الدبلوماسية أهم من عمل القنصلية ، وتطور أمر المساواة بين الفئتين الى ان اصبح من المصلحة حماية نفس الامتيازات .
وينقسم القناصل الى فئتين هما :-
القنصل : وهم موظفين في الدولة .
القنصل الفخرى : يتم تكليفه وهو ليس موظفاً في الدولة .
كل هذا التطور انتهى باتفاقية 1963م بفيينا لتنظيم العمل القنصلي .
القرن العشرين
في هذا القرن توسعت مهام القنصلية وبدأت تضم محاولات جديدة وجاء ذلك نتاجاً للتطور في مجال التكنولوجيا والعلاقات التجارية والثقافية والاجتماعية بين الدول ، وقبل تلك الفترة لم تكن القنصلية لتوجد الا بوجود الدبلوماسية ، وفي القرن العشرين تلاشت فكرة التلازم ، ويمكن وجود القنصل بدون الدبلوماسية ، ويمكن أن يكون وجود القنصل في أكثر من مكان واحد مثل العاصمة في الدولة وفي المواني والمدن التجارية .
كيفية تعيين رؤساء البعثات القنصلية
رئيس القنصلية يعين من قبل رئيس الدولة كما جاء في نص المادة “10” من اتفاقية فيينا التى قررت تعيين رؤساء البعثات من قبل دولهم ، وقد يكون الرئيس أو وزير الخارجية أو وزير التجارة ، ويعين القنصل بخطاب تفويض من الدولة ، وقد يصدر في التعيين ما يحدد المنطقة التى يمارس فيها مهامه ، وخطاب التعيين يعتبر وثيقة ثبوتية بها كل البيانات المتعلقة بالقنصل ومهامه ، ويستمر العمل بهذا الخطاب الا إذا حدثت مستجدات مثل وفاته ، وعند استقالته لابد من كتابة تفويض جديد .
الفرق بين الخطاب الدبلوماسى والقنصلى
خطاب التفويض قد يأتى بعد ممارسة القنصل لنشاطه ، أما خطاب الاعتماد فلابد أن يأتى قبل ممارسة الدبلوماسي لعمله .
خطاب الاعتماد هو رسالة الدولة الموفدة الى رئيس الدولة الموفد إليها ، أما خطاب التفويض فلا يوجه لرئيس الدولة .
خطاب الاعتماد يقدمه الدبلوماسى بنفسه ، أما خطاب التفويض يمكن أن يسلم بأي طريقة أخرى .
أنواع الموظفين القنصليين
هم الموظفين الرسميين وغير الرسميين ، فالموظفين الرسميين هم التابعين لدولتهم وخاضعين للتدرج الوظيفى وينقسمون الى اربعة أقسام (القنصل العام والقنصل ونائب القنصل ووكيل القنصل) :-
القنصل العام : هو الأعلى درجة ، ويكون مقره عاصمة الدولة الموفد اليها مع مجموعة من الموظفين القنصليين ، وهو المسئول الاول في مباشرة عمل القنصلية وتوزيع العمل ومتابعة النشاط القنصلى .
القنصل : يمكن أن يكون في القنصلية في العاصمة ، ودرجة وظيفة ادنى .
نائب القنصل : قد يكون مكلف لغياب القنصل العام وهو موظف وليس قنصل.
وكيل القنصل : قد يكون في حالة أكثر من قنصل في الدولة الموفد اليها لرعاية مصالح الدولة ورعاياها .
وظاهرة تعدد القنصليات ترجع لاسباب عدة منها :-
طبيعة النشاط التجارى اذا كان نشاط كبير ومناطق انتاج كثيرة .
الوجود البشري في أماكن مختلفة داخل الدولة الموفد اليها .
القناصل الفخريين
احياناً لا يكون للمصالح السعة بين الدولة وأخرى لذلك لا تقوم بتثبيت قناصل ، واذا كانت له علاقات ثقافية ، ولعدم أهمية النشاط لا تقوم الدولة بتعيين قناصل غير تابعين لجنسية الدولة ويكون من جنسية دولة أخرى ، والقنصل الفخرى له الحق في تمثيل المهمة وكل المعلومات وحماية نشاطه ، وله حصانة وامتيازات للقيام بعمله .
ويمكن أن يكون القنصل الفخرى من الدولة تابع للدولة مثل السودان (نصرالدين شلقامي) فهو القنصل السوداني للبوسنه والهرسك ولديه حصانة مرتبطة بممارسة نشاطه فقط ومكلف بالقيام بعمل القنصل .
الحصانات والامتيازات
الامتيازات للبعثة القنصلية يتمتع بحرية كاملة ، وعدم الاعتداء على مقرها ووثائقها والاجهزة والتسجيلات .
المتعلق برفع عمل الدولة .
تيسير الحصول على المقر وامتلاك الاراضي لعمل البعثة والموظفين .
الاتصال بالسلطات في الدولة المضيفة (دولة المقر) .
تزويد القنصلية بالمعلومات الضرورية التى تسهل لها عملها من الدولة المضيفة
ضمان حرية التنقل لموظفي القنصلية .
السماح للبعثة باستيفاء رسوم وتسجيل المواليد وتوثيق عقود الزواج والطلاق والمعاملات المدنية والتوكيلات .
الاعفاء من الضرائب وكذلك مرتبات الموظفين .
الاعفاء من الجمارك .
الحصانات
حماية الشخصية والاعتداء عليها في الدولة المضيفة .
الحرية الشخصية فى الشارع وحماية السكن وعدم الاعتقال .
الحصانة القضائية والا يمثل أمام القضاء في أي جريمة ، ولكن يمكنه الشهادة أمام المحاكم .
معفى من التفتيش إلا في حالات الاشتباه المؤكد وذلك بوجود رئيس القنصلية .
معفى من الخدمات عموماً وخاصة الخدمة العسكرية أو المساهمات والضرائب العسكرية .
وظائف القنصلية
1/ رعاية مصالح الدولة ورعاياها .
2/ تنمية العلاقات التجارية والتبادل التجاري برفع ارصدتها من العملة الصعبة .
3/ التعرف بالوسائل المشروعة على الاحوال لافادة دولته .
4/ تقوم بتجديد الجوازات واستخراج جوازات جديدة لرعاياها .
5/ تستخرج القنصلية تاشيرات لرعاياها بعد التحقق منهم .
6/ الاهتمام بالسياحة ورعاية السياحة في بلدها .
7/ تقديم مساعدات الاغاثة في حالات الكوارث اذا حدثت في الدولة المضيفة .
8/ القيام باعمال كاتب العدل في العقود والشهادات والتوثيق .
9/ القيام بعمل السجل المدني في الجوازات والوثائق الثبوتية .
10/ حماية رعاية الدولة للقاصرين وناقصى الاهلية .
11/ تمثيل الرعاية واتخاذ قرارات التأمين .
12/ ممارسة مهام حقوق الدولة على السفن والطائرات والشاحنات المسجلة العابرة للحدود والتفتيش والمراقبة والشركات متعددة الجنسيات .
نهاية البعثة القنصلية
الوفاة والاستقالة والاستدعاء لسبب من الاسباب .
سحب الاجازة والعمل وانهاء قنصليتهم .
نهاية الدولة سواء الدولة المضيفة أو دولة القنصل .
تفكك الدولة إلى مجموعة كيانات .
اذا فقدت الدولة صفتها .
وهنالك فرق بين العمل الدبلوماسي والقنصلية والطرق والمهام العملية تتمثل في :-
الدبلوماسية مهامها مثل الدولة في دولة اخرى ، أما القنصلية تختلف مع العمل الدبلوماسي والقنصلية مهامها في التجارة والاقتصاد والثقافة .
الفرق الثانى يتمثل في الاتفاقيات الدولية ، فالعمل الدبلوماسي نظمته اتفاقية العام 1961م والعمل القنصلي نظمته اتفاقية العام 1963م .
الفرق في السيارات الدبلوماسية ، فسيارة الدبلوماسية ترمز بالرمز C.D واللون الاحمر والابيض ، أما القنصلية فترمز بالرمز C.C واللون الاخضر .
ويمكن أن تكون الدبلوماسية والقنصلية في مقر واحد .