الحالة الثورية هي تصور نقي ينشد العدالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لا يصالح ولا يهادن ناهيك من ان يتماهى مع مشيخات الحكم السلالي الرجعي ٠ نحن في امس الحوجة لتشريح ونقد التجربة السياسية السودانية واحزابها وحركاتها المسلحة وكياناتها بعد سقوط نظام الانقاذ والدور السلبي المدمر للحياة السياسية والاجتماعية الذي لعبته احزاب المجلس المركزي وبعض المسلحة الذي بدوره ساهم في اندلاع حرب ١٥ ابريل وما افرزته من اوضاع ماساوية على الصعد والاتجاهات ستلقي بظلالها الكارثية على المستوى البعيد والقريب في تطور الحياة الاجتماعية والسياسية السودانية
من الضروري بمكان الاخذ في الاعتبار الحالات النفسية والمجتمعية التي افرزتها الحرب في اي نقاش سياسي او اجتماعي او قراءات تبحث عن حلول سياسية وامنية بكل تاكيد ما قبل ليس كما بعدها فالمتوقع بل المؤكد بعد الاحداث الكبرى والهزات الامنية والاجتماعية تحدث تغيرات في الاتجاهات والقيم الكلية للمجتمع ٠
ما نراه الان من هرولة احزاب المجلس المركزي وبعض الحركات المسلحة في اعادة عقارب الساعة الى الوراء عند النقطة التي كانت سببآ في الحرب تبدو حماقة وعدم ادراك وقراءة صحيحة للمتغيرات الاجتماعية والسياسية وافرازات الحرب ٠
كذلك تبدو هذه الاحزاب لم تتعلم من هذه التجربة ولم تدرك بعد بان المجتمع الدولي والمحاور الاقليمية لن تستطيع ان تمنحها الشرعية السياسية ولا الثورية التي تخلت عنها من اجل مصالح ظرفية متغيرة كانت اقرب تزاوج الثورة والثروة دون وضع اي اعتبار للشعب السوداني ورؤيته للنظام الاجتماعي والسياسي الذي يختاره ٠
الذهاب الى عملية سياسية في هذا الظرف الامني المعقد دون وضوح الرؤية في معالجه التمرد وقواته وايجاد صيغ تفاوضية تنهي الحرب وتفكك المليشيا لا تبدو فكرة جيدة ولا تسهم في الاستقرار لانها لم تنزع اسباب وادوات التوتر في المستقبل ٠
واي حديث عن وثائق سياسية او مبادرات لا يكون ضمن بنودها تصفية وانهاء المليشيا ومحاكمة كل من ارتكب الجرائم في حق المواطن السوداني هي محاولة عبثية للعودة السلطة وتصفية الثورة السودانية ٠